المبحث السادس لكل سؤال جواب في سورة «النبأ» «١»
إن قيل: كيف اتصل قوله تعالى:
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) بما قبله؟
قلنا: لمّا كان النبأ العظيم الذي يتساءلون عنه هو البعث والنشور، وكانوا ينكرونه، قيل لهم: ألم يخلق من وعد بالبعث والنشور هذه المخلوقات العظيمة العجيبة الدّالّة على كمال قدرته على البعث؟
فإن قيل: لو كان النبأ العظيم الذي يتساءلون عنه ما ذكرتم لما قال الله تعالى: الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (٣) :
لأنّ كفّار مكّة لم يختلفوا في أمر البعث، بل اتّفقوا على إنكاره؟
قلنا: كان فيهم من يقطع القول بإنكاره، وفيهم من يشكّ فيه ويتردّد فثبت الاختلاف لأنّ جهة الاختلاف لا تنحصر في الجزم بإثباته والجزم بنفيه.
الثاني: أنّ بعضهم صدّق به فآمن، وبعضهم كذّب به فبقي على كفره، فثبت الاختلاف بالنفي والإثبات.
الثالث: أن الضمير في يَتَساءَلُونَ وفي هُمْ عائد إلى الفريقين من المسلمين والمشركين وكلّهم كانوا يتساءلون عنه لعظم شأنه عندهم، فصدّق به المسلمون فأثبتوه، وكذّب به المشركون فنفوه.
فإن قيل: قوله تعالى: ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) هو جزاء الشرط فأين الشرط و «شاء» وحده لا يصلح شرطا لأنه لا يفيد

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها»، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.


الصفحة التالية
Icon