العذاب الذي كانوا يكذّبون به في الدنيا.
إنّه انطلاق خير منه الارتهان والاحتباس، انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠)، وهو دخان جهنّم يتشعّب لعظمه ثلاث شعب، وتمتدّ ألسنته إلى أقسام ثلاثة، بعضها أشد من بعض، ولكنه ظلّ خير منه الوهج لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١)، إنه ظلّ خانق حارّ لافح، وتسميته بالظّلّ من باب التهكّم والسخرية، فهو لا يظلّ من حرّ ذلك اليوم، ولا يقي من لهب جهنّم «١».
إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) أي أن هذه النار يتطاير منها شرر متفرّق في جهات كثيرة، كأنه القصر عظما وارتفاعا، وكأنه الجمال الصفر لونا وكثرة وتتابعا وسرعة حركة وفي اللحظة التي يستغرق فيها الحس بهذا الهول، يجيء التعقيب المعهود: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤).
[الآيات ٣٥- ٣٧] : هذا يوم لا يتكلّمون فيه بحجّة نافعة تنقذهم ممّا هم فيه، ولو كانت لهم حجّة لما عذّبوا هذا العذاب، ولا يؤذن لهم بالاعتذار ولا يقبل منهم، فالهلاك لمن كذّب بعذاب يوم القيامة.
«وقد سئل ابن عبّاس رضي الله عنهما عن هذه الآية، وعن قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١) [الزمر]، فقال:
في ذلك اليوم مواقف، في بعضها يختصمون، وفي بعضها لا ينطقون، أو لا ينطقون بما ينفعهم فجعل نطقهم كلا نطق» «٢» والعرب تقول لمن ذكر ما لا يفيد: ما قلت شيئا.
[الآيات ٣٨- ٤٠] : هذا يوم الفصل
والمستجير بعمرو عند كربته | كالمستجير من الرمضاء بالنار |
(٢). تفسير النسفي ٤/ ٢٤٢، ٢٤٣.