وضعناه عنك بشرح صدرك له فخفّ وهان، وبتيسيرك وتوفيقك للدعوة ومداخل القلوب.
وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) : رفعناه في الملأ الأعلى، ورفعناه في الأرض، ورفعناه في هذا الوجود جميعا، ورفعناه فجعلنا اسمك مقرونا باسم الله، كلّما تحركت به الشفاه: لا إله إلا الله محمّد رسول الله. قال مجاهد في معناه: «أي لا أذكر إلا ذكرت معي».
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) ومع الشدة فرجا، ومع قلة ذات اليد السهولة والغنى، فخذ في أسباب اليسر والتيسير، فإذا فرغت من مهمّة تبليغ الرسالة، فانصب واتعب في القيام بواجبات العبادة لنا: وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨) واجعل رغبتك إليه سبحانه، ولا تسأل إلا فضله متوكلا عليه: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التغابن: ١٣].
«وتنتهي سورة الشرح كما انتهت سورة الضحى، وقد تركت في النفس شعورين ممتزجين:
الشعور بعظمة الود الحبيب الجليل، الذي ينسم على روح الرسول (ص)، من ربّه الودود الرحيم، والشعور بالعطف على شخصه (ص). ونحن نكاد نلمس ما كان يساور قلبه الكريم، في هذه الآونة، التي اقتضت ذلك الود الجميل.
إنها الدعوة، هذه الأمانة الثقيلة، وهذا العبء الذي ينقض الظهر، وهي مع هذا وهذا مشرق النور الإلهي ومهبطه، ووصلة الفناء بالبقاء والعدم بالوجود».