المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «التين» «١»
أقول: لمّا تقدّم، في سورة الشمس: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) [الشمس] فصّل في هذه السورة بقوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إلى آخره.
وأخّرت هذه السورة، لتقدّم ما هو أنسب بالتقديم، من السور الثلاث «٢»، واتّصالها بسورة البلد لقوله تعالى:
وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) وأخّرت لتقدّم ما هو أولى بالمناسبة، مع سورة الفجر «٣».
من اللطائف
نقل الشيخ تاج الدين بن عطاء الله السكندري في «لطائف المنن» عن الشيخ أبي العباس المرسي، قال قرأت مرة وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)، إلى أن انتهيت إلى قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) ففكّرت في معنى هذه الآية، فألهمني الله أنّ معناها: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم روحا وعقلا، ثم رددناه أسفل سافلين نفسا وهوى «٤».
(٢). يعني: (الليل، والضحى، والشرح). فإنّ مناسباتها متوالية هكذا، أهم من تقديم التين بعد الشمس.
(٣). يعني أنّ اتّصال سورة الشمس بالبلد، واتّصال البلد بالفجر، أولى من اتّصال التين بالبلد لمجرد ذكر (البلد) في كليهما.
(٤). لطائف المنن ص. ١١٨ المطبعة الفخرية. ١٩٧٢. القاهرة.