المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «العلق» «١»
إن قيل: أين مفعول خلق في الآية الأولى؟
قلنا: يحتمل وجهين: أحدهما أن لا يقدر له مفعول، بل يكون المراد الذي حصل منه الخلق واستأثر به لا خالق سواه كما قال تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ [الملك: ١٤] في أحد الوجهين، وقولهم: فلان يعطي ويمنع، ويصل ويقطع. الثاني: أن يكون مفعوله مضمرا، تقديره: الذي خلق كلّ شيء، ثم أفرد الإنسان بالذكر تشريفا له وتفضيلا.
فإن قيل: لم قال تعالى: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) على الجمع ولم يقل: من علقة؟
قلنا: لأن الإنسان في معنى الجمع، بدليل قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ [العصر]، والجمع إنّما خلق من جمع علقة لا من علقة.
فإن قيل: هذا الجواب يردّه قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ [الحج: ٥].
قلنا: المراد فإنّا خلقنا أباكم من تراب، ثمّ خلقنا كل واحد من أولاده من نطفة. وقيل إنّما قال تعالى: مِنْ عَلَقٍ (٢) رعاية للفاصلة الأولى وهي خلق.

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها»، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.


الصفحة التالية
Icon