[الآية ٣٢]. وذلك أبسط من قوله تعالى في [البقرة/ ١٧٩] : وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ.
وفي البقرة: وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ [البقرة/ ٥٨]. وذكر في قصتها هنا: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [الآية ٥٤].
وفي البقرة قصة الأيمان موجزة، وزاد هنا بسطا بذكر الكفارة «١».
وفي البقرة، قال في الخمر والميسر: فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما [البقرة/ ٢١٩]. وزاد هنا في هذه السورة ذمها، وصرح بتحريمها «٢».
وفي سورة المائدة من الاعتلاق بسورة الفاتحة: بيان المغضوب عليهم والضالين في قوله تعالى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ [الآية ٦٠]. وقوله تعالى: قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧).
وأما اعتلاقها بسورة النساء، فقد ظهر لي فيه وجه بديع جدا. وذلك أن سورة النساء اشتملت على عدة عقود صريحة وضمنية.
فالصريحة: عقود الأنكحة، وعقد الصداق، وعقد الحلف، في قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ [النساء/ ٣٣]. وعقد الأيمان في هذه الآية وبعد ذلك عقد المعاهدة والأمان في قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ [النساء/ ٩٠]. وقوله تعالى: وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ [النساء/ ٩٢].
والضمنية: عقد الوصية، والوديعة، والوكالة، والعارية، والإجارة، وغير ذلك من الداخل في عموم قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [النساء/ ٥٨]. فناسب أن يعقب بسورة مفتتحة بالأمر بالوفاء بالعقود.
وقال في البقرة: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥).
(٢). في هذه السورة قال تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ.