٢٦- وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ [الآية ١٣٠].
المراد ب «السنين» سنين القحط.
والسنة من الأسماء الغالبة كالدّابّة والنجم، ونحو ذلك وقد اشتقوا منها، فقالوا: أسنت القوم، بمعنى أقحطوا.
أقول:
إن دلالة «السنة» على القحط، وصيرورتها من الأسماء الغالبة كالدّابة والنّجم، إنما جاءت في الأصل من الوصف أو الإضافة، كأن يقال: سنة شديدة أو سنة قحط، ثم جرّدت من الوصف أو الإضافة للعلم بها وشيوعها، فصارت «سنة»، وقد يشير الى صحة هذا التعليل ما يقال لدى العامة من أن «السنة سنة»، يريدون بها سنة شديدة تأخذ بخناقهم.
قال، وقد اشتقوا منها: أسنت القوم بمعنى أقحطوا وقد كنا أشرنا إلى هذا.
قلت: ومن ذلك قول ابن الزّبعرى:
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكّة مسنتون عجاف ولنسرّح الطرف في سعة هذه المفردة الغنية، فماذا فيها؟:
قالوا: أسنى القوم إذا أقاموا سنة في موضع.
ويقال: تسنّت فلان كريمة آل فلان، إذا تزوّجها في سنة القحط.
وجاء في «الصحاح» : يقال تسنّتها إذا تزوّج رجل لئيم امرأة كريمة لقلّة مالها، وكثرة ماله.
والسّنتة والمسنتة: الأرض التي لم يصبها مطر فلم تنبت.
قال أبو حنيفة: فإن كان بها يبيس من يبيس عام أوّل، فليست بمسنتة ولا تكون مسنتة حتى لا يكون بها شيء.
وعام سنيت ومسنت: جدب.
وسانتوا الأرض: تتبّعوا نباتها.
أقول: وإذا كانت العربية قد أفادت من التاء في «السنة» فولدت هذه الفوائد الكثيرة، فقد أفادت من «الهاء» «١»،