جمعهم، كما في قوله تعالى عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ [النمل/ ١٦]. وقال الشاعر [من الخفيف، وهو الشاهد الثالث والثلاثون بعد المائتين] :

صدّها منطق الدّجاج عن القصد وضرب الناقوس فاجتنبا
وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [النمل/ ١٨] إذ تكلمت نملة فصارت كمن يعقل وقال سبحانه فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) [الأنبياء/ ٣٣ ويس/ ٤٠] لمّا جعلهم يطيعون، شبّههم بالإنس، مثل ذلك أيضا قوله تعالى: قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (١١) [فصّلت/ ١١] على هذا القياس، بالتذكير، وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم: إنّما قال تعالى: طائِعِينَ لأنهما أتتا وما فيهما، فتوهّم بعضهم «مذكّرا» أو يكون كما قال سبحانه وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [الآية ٨٢] وهو يريد أهلها. وكما تقول «صلى المسجد» وأنت تريد أهل المسجد، إلّا أنّك تحمل الفعل على الآخر، كما قالوا: «اجتمعت أهل اليمامة» وقال تعالى: وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ [فصّلت/ ٣٧] لأنّ الجماعة، من غير الإنس مؤنثة. وقال بعضهم «للّذي خلق الآيات» ولا أراه قال ذلك، الا لجهله بالعربية. قال الشاعر «١» [من البسيط، وهو الشاهد الرابع والثلاثون بعد المائتين] :
إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته إلى الصّياح وهم قوم معازيل»
فجعل «الدجاج» قوما في جواز اللغة. وقال الآخر وهو يعني الذيب [من الطويل، وهو الشاهد الثاني والثلاثون بعد المائتين] :
وأنت امرؤ تعدو على كلّ غرّة فتخطئ فيها مرّة وتصيب
وقال الآخر [من الرجز، وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المائتين] :
(١). هو عبدة بن الطبيب شعر عبدة بن الطبيب ٧٩، والاختيارين ٩٩، والمفضليات ١٤٣، واللسان «عزل».
(٢). في الصاحبي ٢٥١ «الى الصياح» وكذلك في الصحاح «عزل» واللسان أيضا وفي الاختيارين وفي شعره أيضا:
«لدى الصباح».


الصفحة التالية
Icon