المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «يونس» «١»
إن قيل: لم قال الله تعالى: يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥)، والله تعالى فصّل الآيات للعلماء وسواهم.
قلنا: لمّا كان تفصيل الآيات مخصوصا بالعلماء، وكان انتفاعهم بالتفصيل أكثر من انتفاع سواهم به، فقد أضاف التفصيل إليهم وخصهم به.
فإن قيل: لم قال تعالى سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠)، مع أن أقوال أهل الجنة وأحوالهم لا آخر لها، لأن الجنة دار الخلود؟
قلنا: معناه آخر دعائهم في كل مجلس، دعاء أو ذكر أو تسبيح، فإن أهل الجنة يسبّحون ويذكرون للتنعم والتلذذ بالذكر والتسبيح. فإن قيل: قد أنكر الله تعالى على الكفار احتجاجهم بمشيئته، في قوله سبحانه: لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا [الأنعام/ ١٤٨]. ولهذا لا يجوز للعاصي أن يحتج في وجود المعصية منه، بقوله لو شاء الله ما فعلت هذه المعصية فلا تقيموا عليّ حدها فكيف ورد في التنزيل على لسان النبي (ص) :
لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ [الآية ١٦] ؟
قلنا: النبي (ص) قال هذه الجملة بأمر الله تعالى، لأن الله عزّ وجلّ قال له: قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وللعبد أن يحتجّ بمشيئة الله إذا أمره الله أن يحتج بها، أما ما ليس

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها»، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.


الصفحة التالية
Icon