المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الأنبياء» «١»
ظهر لي من اتصالها باخر «طه»، أنه سبحانه، لمّا قال في هذه: قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا [طه: ١٣٥]. وقال قبله:
وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (١٢٩) [طه]. وقال في مطلع هذه، أي في سورة الأنبياء: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) إشارة إلى قرب الأجل، ودنوّ الأمل المنتظر. وفيه أيضا مناسبة لقوله تعالى هناك:
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ [طه: ١٣١]. فإنّ قرب الساعة يقتضي الإعراض عن هذه الحياة الدنيا، لدنوّها من الزّوال والفناء ولهذا ورد في الحديث: أنّها لما نزلت قيل لبعض الصحابة: هلّا سألت النبي (ص) عنها؟ فقال «نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا» «٢».

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.
(٢). لم نعثر على هذا الحديث في ما بين أيدينا من مصادر.


الصفحة التالية
Icon