المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «المؤمنون» «١»
أقول: وجه اتصالها بسورة الحج:
أنه تعالى، لما ختمها بقوله: وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، وكان ذلك مجملا، فصّله في فاتحة هذه السورة، فذكر سبحانه خصال الخير التي من فعلها قد أفلح، فقال تعالى:
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢). ولما قال سبحانه في أول الحج:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ [الآية ٥]، زاده هنا بيانا في قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣). فكل جملة أوجزت هناك في القصد، أطنب فيها هنا.

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ: ١٩٧٨ م.


الصفحة التالية
Icon