المبحث الرابع مكنونات سورة «الصافات» «١»
١- وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣)..
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود: أنّ المراد بالثلاثة الملائكة «٢».
٢- قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١).
قال السّدّيّ: هما شريكان في بني إسرائيل: أحدهما مؤمن، والاخر كافر. أخرجه ابن أبي حاتم.
وفي «العجائب» للكرماني: أنّهما يهوذا، وفطروس.
٣- فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١).
إلى آخر القصة: فيه قولان شهيران:
إسماعيل أو إسحاق، وقد أفردت في ذلك تأليفا ضمّنته حجج كلّ من القولين «٣».

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «مفحمات الأقران في مبهمات القرآن» للسّيوطي، تحقيق إياد خالد الطبّاع، مؤسسة الرسالة، بيروت، غير مؤرخ.
(٢). ورواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيف. قاله الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٧: ٩٨.
(٣). الّذي عليه علماء السلف أنّ الذبيح هو إسماعيل ويكفي دليلا أنّ الله سبحانه وتعالى بعد أن أنهى قصة الذبيح قال: وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ [الآية ١١٢]، فهذا يدلّ على أن إسحاق هو غير الّذي انتهت قصته لتوّها، وقد أشار ابن كثير إلى هذا في «تفسيره» ٤: ١٤.
وفي «زاد المعاد» لابن قيّم الجوزيّة ١: ٧١: «وأما القول بأنّه إسحاق فباطل، بأكثر من عشرين وجها، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميّة قدس الله روحه، يقول: هذا القول إنما هو متلقّى عن أهل الكتاب، مع أنه باطل بنصّ كتابهم، فإنّ فيه: إنّ الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشكّ أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده: والّذي غرّ أصحاب هذا القول أنّ في التوراة الّتي بأيديهم: اذبح ابنك إسحاق قال [أي ابن تيمية] : وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم». ثمّ قال أيضا: «وكيف يسوّغ أن يقال: «إن الذبيح إسحاق، والله تعالى قد بشّر أمّ إسحاق به وبابنه يعقوب، فقال تعالى عن الملائكة: إنّهم قالوا لإبراهيم لمّا أتوه بالبشرى:
لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) [هود]، فمحال أن يبشّرها بأنه يكون لها ولد، ثمّ يأمر بذبحه، ولا ريب في أن يعقوب (ع) داخل في البشارة، فتناول البشارة لإسحاق ويعقوب في اللّفظ الواحد، وهذا ظاهر الكلام وسياقه»
. وأما مصنّف السّيوطي الّذي أورد فيه حجج كلّ من القولين، فهو: «القول الفصيح في تعيين الذبيح»، وقد ضمّنه في كتابه «الحاوي للفتاوي» ١:
٣١٨، ٣٢٢ وقال فيه بعد أن أورد حجج كلّ من القولين: «وكنت ملت إليه- يقصد أنّه مال إلى القول بأنّ الذبيح هو إسحاق- في علم التفسير، وأنا الآن متوقّف في ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم». انظر للوقوف على مزيد من التحقيق في هذه المسألة، إضافة للمراجع المذكورة أعلاه: «كشف الخفاء» للعجلوني في حديث رقم (٦٠٦)، و «جنى الجنتين في تمييز نوع المثنيين» للمحبيّ ص ٥٠.


الصفحة التالية
Icon