المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «غافر»
«١» أقول: وجه إيلاء الحواميم السبع»
سورة «الزمر» : تآخي المطالع في الافتتاح بتنزيل الكتاب. وفي مصحف أبيّ بن كعب: أول الزمر (حم) وتلك مناسبة جليلة.
ثم إنّ الحواميم ترتّبت لاشتراكها في الافتتاح ب (حم)، وبذكر الكتاب بعد (حم)، وأنها مكية، بل ورد في الحديث أنها نزلت جملة.
وفيها شبه من ترتيب ذوات (الر) الست «٣».
فانظر إلى ثانية الحواميم، وهي «فصّلت»، كيف شابهت ثانية ذوات (الر)، أي «هود» في تغيير الأسلوب في وصف الكتاب. في «هود» :
كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ (١) [الآية ١]، وفي فصّلت: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ [الآية ٣]. وفي سائر ذوات (الر) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ «٤»، وفي سائر الحواميم: تَنْزِيلُ الْكِتابِ أو وَالْكِتابِ «٥».
وروينا عن جابر بن زيد وابن عباس في ترتيب نزول السور: أن الحواميم

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب: «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي، تحقيق عبد القادر أحمد عطا، دار الاعتصام، القاهرة، الطبعة الثانية، ١٣٩٨ هـ/ ١٩٧٨ م.
(٢). الحواميم السبع هي: غافر، وفصلت والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف.
(٣). ذوات (الر) الست هي يونس، وهود، ويوسف، والرعد، (وأولها: المر) وابراهيم، والحجر.
(٤). ولكن في إبراهيم كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ [الآية ١].
(٥). ولكن في فصّلت: تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢)، وفي الشورى كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ [الآية ٣].


الصفحة التالية
Icon