حياتهم، ورحمته خير من تلك الأموال التي يجعلونها مقياس الفضل بينهم.
ولولا أن يكون الناس أمة واحدة على الكفر، لجعل لمن يكفر به بيوتا سقفها من فضة، إلى غير هذا من زخرف الدنيا وزينتها: وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (٣٥) ثم ذكر تعالى أن ذلك من إغواء الشيطان الذي اتخذوه قرينا لهم، وأنّهم سيندمون على استماعهم له، حين يرجعون الى ربّهم، ويتمنّون أن لو كان بينهم وبينه بعد المشرقين ثم ذكر سبحانه للنبي (ص) استحكام الجهل فيهم، وأنهم لا ترجى هدايتهم، وأنه إن ذهب به قبلهم فإنه سينتقم منهم في آخرتهم، وإن أراه ما يوعدون من العذاب في دنياهم فهو مقتدر عليهم.
ثم أمره أن يستمسك بما أوحي إليه من الإسلام والتوحيد وذكر أنه هو الدين الذي أرسل به الرسل قبله ثم خصّ موسى (ع) بالذكر من بينهم، لبقاء ظهور التوحيد في شريعته، أعظم من ظهوره في سواها فذكر ما كان من إرساله الى فرعون وقومه، وذكر ما كان من اغترار فرعون بملكه، واستهزائه بموسى (ع) لأنه لا يبلغ ما بلغه من المجد والسلطان في الحياة الدنيا، وأنه استخفّ قومه فأطاعوه فأغرقهم أجمعين: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (٥٦).
إبطال بنوة عيسى الآيات [٥٧- ٨٩]
ثم قال تعالى: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) فذكر أنهم اعتمدوا على النصرانية في عبادتهم الملائكة، فقالوا إن النصارى عبدوا عيسى (ع) واتخذوه ولدا لله، والملائكة خير منه بزعمهم الباطل وردّ عليهم سبحانه بأن عيسى ما هو إلا عبد مثلهم، وأنه لو يشاء سبحانه لجعلهم خلفا في الأرض منهم، ولم يسكنهم السماوات التي جعلتهم يبالغون في أمرهم ثم ذكر أن عيسى (ع) إنما ولد من غير أب، ليكون علامة على الساعة، ونهاهم عن الشكّ فيها، وأمرهم أن يتّبعوه ولا يسمعوا للشيطان فيما يزيّن لهم من عبادة غيره ثم ذكر أن عيسى (ع) جاء بما جاء به غيره من الرسل، فأمر بتقوى الله وعبادته، ولكنّ أتباعه