المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «غافر»
«١»
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «غافر» بعد سورة «الزّمر»، وقد نزلت سورة «الزمر» بعد الإسراء وقبيل الهجرة، فيكون نزول سورة «غافر» في ذلك التاريخ أيضا.
وقد سميت هذه السورة بهذا الاسم لقوله تعالى في أوّلها: غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ [الآية ٣] وتبلغ آياتها خمسا وثمانين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة كالغرض من السورة السابقة، وهو الحث على إخلاص العبادة لله. ولهذا ذكرت بعدها، والفرق بينهما في ذلك أنّ المشركين أخذوا في السورة السابقة بطريق الدليل على فساد اعتقادهم في شفعائهم، وإن جاء فيه شيء من الترغيب والترهيب، وأخذوا في هذه السورة بطريق الترغيب والترهيب، وإن جاء فيه شيء من الطريق الأول.
التمهيد بالترهيب والترغيب الآيات [١- ١٢]
قال الله تعالى: حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) فذكر، سبحانه، من صفاته أنه عزيز عليم يغفر الذنب ويقبل التوب، ويأخذ بالعقاب الشديد، وإليه المصير. وذكر أنه لا يجادل في ذلك إلا الذين كفروا به، ونهى النبي (ص) أن يغترّ في ذلك