المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «النجم» «١»
في قوله سبحانه: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١) استعارة. والمراد، والله أعلم، أنّ ما اعتقده القلب من صحة ذلك المنظر الذي نظره، والأمر الذي باشره، لم يكن عن تخيّل وتوهّم، بل عن يقين وتأمّل. فلم يكن بمنزلة الكاذب من طريق تعمد الكذب، ولا من طريق الشكوك والشّبه.
وفي قوله سبحانه: ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) استعارة. وهي قريبة المعنى من الاستعارة الأولى. والمراد، والله أعلم، أن البصر لم يمل عن جهة المبصر إلى غيره ميلا يدخل عليه به الاشتباه، حتّى يشكّ فيما رآه. ولا طغى، أي لم يجاوز المبصر ويرتفع عنه، فيكون مخطئا لإدراكه، متجاوزا لمحاذاته.
فكأنّ تلخيص المعنى: أنّ البصر لم يقصّر عن المرئي فيقع دونه، ولم يزد عليه فيقع وراءه، بل وافق موضعه، ولم يجاوز موقعه. وأصل الطّغيان طلب العلوّ والارتفاع، من طريق الظلم والعدوان، وهو في صفة البصر خارج «٢» على المجاز والاتساع.

(١). انتقي هذا المبحث من كتاب: «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي، تحقيق محمد عبد الغني حسن، دار مكتبة الحياة، بيروت، غير مؤرّخ.
(٢). أي سائر على طريق المجاز والاتساع في التعبير.


الصفحة التالية
Icon