والحاجة الداعية إليه، وأنواعه وخصائصه ومراحل تكوينه وعناصره وفائدته.
وانتهيتُ من هذا كله إلى أن اللغة لم تقف عند الجانب النقلى للأفكار من متكلم إلى سامع. بل لها وظيفة جمالية إمتاعية غير وظيفتها العملية النفعية. تبرز أولاهما في لغة الآداب والفنون الرفيعة وتكون اللغة - حينئذ - في أسمى
مظاهرها.
وقد تأتى وظيفة اللغة في غير هاتين فلا يُراد بها النقل ولا الإمتاع.
كما في عبارات الترويح عن النفس، وعبارات التحية والتأسف، وكما فى
" المنولوج ".
وكان هدفى من هذا الفصل معرفة ما به تسمو وظيفة اللغة. ومنها الوجوه
البلاغية التي هي محور الدراسة في هذا البحث.
لذلك جاء الفصل الثاني من المدخل: الوجوه البلاغية وقيمتها في جمال
التعبير.
وأوجزتُ فيه القول عن البلاغة الفنية في عصورها الأولى - الجاهلى
والإسلامى والأموى والعباسي - وأبنتُ كيف نشأت توأماً مع النقد توجهه
وتعضده. وبينت دور النقد في تكوين الملاحظات البلاغية حتى انفصلا فى
كتاب " البديع " لابن المعتز، وأبنتُ قيمة هذا الكتاب.
كما تعرضتُ لجهود بعض البلاغيين من بعده كقدامة بن جعفر وأبى هلال العسكرى وابن طباطبا؛ لأضرب مثلاً بأصالة البلاغة في النقد والتوجيه. كما ذكرتُ دور البلاغة العربية فى قضايا النقد الكبرى ومنها الصراع بين القديم والجديد، والطبع والصنعة.
ومنها نقد الموازنات بين نصَّين اتحدا موضوعاً واختلفا شكلاً.
ومنها قضية الإعجاز التي شغلت العلماء على مختلف مناهجهم ومشاربهم. كما كان لها دور كبير في قضية اللفظ والمعنى.