والمنهج الذي اتبعه في المقارنة منهج دقيق حيث قابل النص القرآني بما يقابله
من نصوص القصة في الكتاب المقدس. وبعد إجراء المقارنة الكاملة بين نصوص المصدرين وضع جدولاً تفصيلياً لورود عناصر القصة في المصدرين. واضعاً ملاحظاته على ما بينها من اتفاق واختلاف.
وعند رصد النتائج توصل إلى ورود خطأ بين في الكتاب المقدس ويحسن أن
نثبت نص المؤلف عنها دون تغيير:
" والرواية الكتابية تكشف عن أخطاء تاريخية تثبت صفة الوضع التاريخى
للفقرة التي نناقشها. فمثلاً فقرة: " لأن المصريين لا يجوز لهم أن يأكلوا مع
العبرانيين لأنه رجس عند المصريين " يمكننا التأكيد أنها من النُسَّاغ الميَّالين إلى
أن يذكروا فترة المحن التي أصابت بنى إسرائيل في مصر. وهي بعد زمن
يوسف ".
" وفي رواية التوراة استخدم إخوة يوسف في سفرهم حميراً بدلاً من العِير فى
رواية القرآن. على حين أن استخدام الحمير لا يمكن أن يتسنى للعبرانيين إلا
بعد استقرارهم في وادى النيل بعد ما صاروا حَضريين. إذ الحمار حيوان حَضرى عاجز في كل حالة عن أن يجتاز مسافات صحراوية شاسعة لكى يجيء من فلسطين. وفضلاً عن ذلك فإن ذُرية إبراهيم ويوسف كانوا يعيشون في حالة الرعاة الرُحل. رعاة المواشى والأغنام ".
قصة يوسف - إذن - لها مصدر تاريخى غير القرآن. وقد وضح لنا من
اطلاعنا على النص المنقول من كتاب " الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبى أن
المصادر التاريخية لم تلتزم الدقة في النص، والأمانة في النقل، كما هو الحال
فى القرآن الكريم.


الصفحة التالية
Icon