فليس النبي عليه السلام كاتباً، ولا قارئاً، وإذا ثبت له ذلك استحال فى
حقه أن يكون قد استلهم تلك الأخبار والمعارف من سجلات الغابرين لو وُجِدَت، وثبت أن مرشده الوحيد هو القرآن الكريم.
ولم يكتف القرآن بإثبات أمية النبي عليه السلام بل أتبع ذلك " تسجيل "
أمية قومه - وهم الوسط المحيط به، المخالِط له - حتى لا يقال: إنه استقى
معلوماته منهم مشافهة ثم راح يصوغها بعبقريته الخاصة، وأسلوبه الفريد.
قال سبحانه: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢).
وعلى هذا الأساس يمكن فهم حكمة الله التي أرادت للنبى عليه السلام أن
يكون أمياً من قوم أميين.
* * *
والخلاصة: إن القرآن تناول من الأحداث التاريخية نوعين: نوع له مصدر
تاريخى سواه لكنه فيه على أصح الوجوه. وأدق الأحوال. وربما صحح ما جاء فيه خطأ واقعاً فيما سواه وهذه خاصة أولى له.
ونوع ليس له مصدر تاريخى سواه، وليس لدى البَشر من سبيل إلى الوصول
إليه لبُعد وقوعه وانطماس آثاره. فهم عنه عاجزون. وهذه خاصة ثانية.
* * *
ثانياً - الإعجاز من حيث الكشوف العلمية:
يرى فريق من الباحثين المحدَثين أن إعجاز القرآن راجع إلى الإشارات العلمية
التي فيه.


الصفحة التالية
Icon