وأيًّا كان الأمر فإن القرآن؟ بما اشتمل عليه من إشارات علمية صالح لمثل هذا الفهم، على ألا يؤخذ مأخذ اليقين لأن العلم دائماً في تطور، وفهم النص القرآني على أنه دليل قاطع على مسألة علمية من طبيعتها التطور والتغير، تحميل للقرآن بما ليس من طبيعته. فلا تؤخذ هذه البحوث وما شابهها مأخذ الجزم واليقين. وصلة هذه الإشارة العلمية بالإعجاز القرآني ظاهرة. ولكنها ليست الإعجاز الذي تحدى الله به العرب.
ثالثاً - الإعجاز التشريعي:
ويرى فريق آخر أن القرآن مُعجِز بما فيه من أحكام تشريعية خالدة. لم تحتج
على تطاول الدهور إلى تعديل في أُصولها العامة، وأنها تستهدف خير
الإنسانية، والحفاظ على الحقوق والواجبات، والقاعدة التي يبنى عليها الحكم قائمة على أساس المصلحة فالنافع مباح، والضار ممنوع..
يقول عبد الرزاق نوفل:
" فقد أثبت التقدم الفكرى في العلوم في العصر الحديث أن القرآن كتاب علم
قد جمع أصول كل العلوم والحكمة. وكل مستحدَث من العلوم، نجد أن القرآن قد وجه إليه أو أشار إليه ".
ويقول العقاد: " وقد استوعب الإسلام مذاهب الاقتصاد - كما استوعب
مذاهب الاجتماع - في عصر المصارف والشركات وقروضها وفوائدها، دون أن يعوق مصلحة من مصالحها البريئة في العُرف المشروع، وتمضى هذه المذاهب كما مضى غيرها فلا يؤوده بعدها أن يستوعب مذاهب الثروة في أيدى الآحاد، لا يمنع منها إلا ما يمنعه أولاً وآخراً من ضرر وضِرار ".
يستشهد " نوفل " على الإعجاز العلمي التشريعي بآية الحيض التى
نصها: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢).


الصفحة التالية
Icon