الفصل الثاني
الإعجاز البياني الأدبى
لم يرتض أهل النظر أن يكون واحد مما سبق وجهاً من وجوه الإعجاز المقصود
بالتحدى. فقد رفضوا الصرفة مطلقاً حين لم يَرْوا فيها معنى للإعجاز،
ورفضوا غيرها كذلك. حتى ولو كان في نفسه مُعجِزاً.
مثل الإشارات العلمية الصادقة التي طابقها العلم الحديث بعد قرون.
ومثل الإخبار الغيبى عما سيكون وقد كان.
ومثل الإخبار عن الماضي الذي ليس لمعرفته سبيل عند البَشر.
ومثل التوجيه التشريعي الذي لم ينقض ولن ينقض لأنه تشريع حكيم عليم. رفضوا كل ذلك، وكان الحق معهم. وقد طلبوا للإعجاز وجهاً آخر أو وجوهاً تشمل القرآن كله من الفاتحة حتى الخاتمة.
ولم يكن بدٌّ عند هؤلاء الحققين إلا أن يكون
الإعجاز القرآني إعجازاً بيانياً أدبياً كامناً في أسلوبه ونظمه، وبلاغته
وفصاحته، وحول هذا المعنى وضع كثير من العلماء مصنفات متخصصة فى
بيان الإعجاز، واكتفى بعضهم بالإشارة دون البسط، فلم يضعوا في ذلك
مصنفات. ونُبين في هذا الفصل آراء العلماء في ذلك مقدمين أصحاب
المصنفات قديماً وحديثاً على غيرهم.