٤ - الباقلاني:
يعتبر كتاب الباقلاني - بحق - أهم ما كُتِبَ قديماً في هذا الموضوع، وقد
حاز رضا المتأخرين، فأكثروا من الثناء عليه والذي يهمنا - الآن - أن
نستوضح رأيه في الإعجاز، ونبين قيمته في إيجاز لاستفاضة ما كُتِبَ في هذا
المجال.
لم يهجم الباقلاني على المشكلة هجوماً. بل مهَّد للوصول إليها.
فذكر ما ذهب إليه غيره. وذكر من ذلك ثلاثة آراء:
١ - الإخبار عن الغيوب المستقبلة.
٢ - الإخبار عن الأمم والأحداث الغابرة.
٣ - القول بالصرفة.
ولكنه لم يرتض أن يكون واحد منها وجهاً من وجوه الإعجاز.
وبعد أن فرغ من الرد عليها بدأ يذكر خصائص الأسلوب القرآني على الوجه الآتى:
أولاً - خروج نظم القرآن عن سائر كلام العرب ونظومهم، وفي ذلك يقول: " إن قدر ما يقتضيه التقدم والحذق في الصناعة قدر معروف لا يخرق العادة
مثله. ولا يعجز أهل الصناعة. ولا المتقدمين فيها عنه مع التحدى والتقريع
بالعجز والقصور، لأن العادة جارية بجمع الدواعى والهمم على بلوغ منزلة
الحاذق التقدم في الصناعة، وما أتى به النبي - ﷺ - قد خرج عن حد ما يُكسب بالحذق.
ويقول: " إن عجز القوم عن معارضته دليل خروجه عن نمط كلامهم ".
ثانياً - انفراده بالحسن رغم طوله، وفي ذلك يقول: " إنه ليس للعربى كلام
مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة والتصرف البديع والمعاني اللطيفة، والفوائد