والسهولة التي يسيل بها القرآن، وهي سهولة الأوضاع الإلهية، التي يعرفها
كل الناس ويعجز عنها كل الناس.
٦ - ليس فيما بين الدفتين إلا رهبة ظاهرة، وإلا أثر من التمكن يصف لك
منزلة المخلوق من أمر الخالق، ولا تجد من أغراضه إلا ما كان في وصفه مادة
لتلك الرهبة. ولذلك الأثر والروح.
٧ - ما في أسلوبه من اللين والمطاوعة على التقليب والمرونة في التأويل
بحيث لا يصادم الآراء الكثيرة المتقابلة، التي تخرج بها طبائع العصور المختلفة، وكلام الناس لا يحتمل مثل هذه الوجوه. بل إنه كلما كان أدنى إلى البلاغة
كان نصاً في معناه، ثابتاً في حيزه.
٨ - ما فيه من البلاغة والفصاحة يقتضيه اقتضاءً طبيعياً. بحيث يبنى هو
عليها ولا تبنى هي عليه فكل ما فيه من مجاز وتمثيل وكفاية لا يصح فى
الجواز أو فيما يسعه الإمكان أن يصلح غيره في موضعه، ولو أدرت اللغة
على هذا الوضع.
٩ - أن موسيقى ألفاظه نمط فريد ليس معروفاً لهم في كلامهم، حتى لم
يكن لمن يسمعه بدٌّ من الاسترسال إليه، فإنه إنما يسمع ضرباً خالصاً من
الموسيقى اللغوية، كأنما يوقع إيقاعاً لا يتلى تلاوة.
١٠ - أنه لا يخلق على كثرة الرد، وطول الدهر، ولا تجد لذلك سراً إلا
دقة النظم وإعجازه، وخصائصه الموسيقية، وتساوق حروفه على أصول مضبوطة من بلاغة النغم بالجهر والهمس والمد والغن، ثم اختلاف ذلك في الآيات بسطاً وإيجازاً وإفراداً وتركيباً.