لم يرض هذا القول عبد الكريم الخطيب، ونقده على أساس أننا لو قلنا إن
القرآن مُعجِز في تاريخه لكان معنى ذلك أن القرآن نزل خالياً من صفة الإعجاز واكتسب هذا الإعجاز بمرور الزمن أياماً ودهوراً.
وهذا نقد وجيه - كما ترى - إذ لا يمكن أن يكون الإعجاز المتحدَى به هو
هذا الوجه. ولكن يمكن حمل كلام الرافعي على أن تلك الوجوه المعجِزة التى
أفاض في الحديث عنها لم ينتقض منها وجه على مر الأيام والدهور.
فهى باقية كيوم تحدى بها.
وعلى هذا فلا حُجة للخطيب في نقده.
* * *
٨ - محمد عبد الله دراز:
وضع دراز كتاباً دعاه " النبأ العظيم "، أو " نظرات جديدة في القرآن ".
وقدم في هذا الكتاب دراسة غنية جداً عن القرآن الكريم،
وقد قسمها قسمين:
القسم الأول: خاص بتحديد معنى القرآن.
وقد استغرق منه اثنتى عشرة صفحة من القطع الكبير.
والقسم الثاني: وقفه على بيان مصدر القرآن. أهو من صنع بَشر؟
وهل فى المواهب البَشرية ما يمكن أن يصدر عنها بيان في صفة هذا الكتاب العظيم؟
ناقش هذه الفكرة متتبعاً جميع فروضها.
وانتهى من المناقشة إلى أن القرآن ليس له مصدر بَشرى لا في نفس محمد - ﷺ - ولا في نفس غير محمد. بل ذلك
تنزيل العزيز الحكيم.
وقد استبد هذا القسم ببقية صفحات الكتاب البالغ عددها مائتين وعشر
صفحات. قدم خلالها بحوثاً عظيمة ونظريات رائعة في محيط القرآن وإعجازه، والذي يهمنا من هذا الكتاب ما أجمله المؤلف من خصائص الأسلوب القرآني فى قطعة قطعة منه. وكانت عنده على الوجه الآتى:


الصفحة التالية
Icon