الفصل الأول
وظيفة التعبير اللغوي وتطورها
التعبير اللغوي أسمى أنواع التعبير، وأوضحها في الدلالة على المراد،
وأيسرها على المعبرين، وهو الأصل في الإبانة والكشف، وبه تتفاوت
الدلالات في القوة والضعف، والغموض والوضوح، وبه تظهر الميزة بين قول وقول، ومعنى ومعنى، وهو أقدرها على تصوير المعاني الدقيقة ونقلها إلى السامعين.. وهو الذي يميز الإنسان بأسلوبه الراقى مما سواه من كائنات لها القُدرة على أن تطلق أصواتاً.
ومن هنا ساغ للمناطقة أن يعرفوا الإنسان بأنه حيوان ناطق. ويريدون بالنطق
التفكير وهو لا يكون إلا بوساطة عبارات تكونه وتظهره.
وقد فرق المشتغلون بالدراسات اللغوية بين التعبير عند الإنسان والتعبير عند الحيوان. بأن اللغة عند الإنسان ذات مقاطع صالحة للدخول في تراكيب تدل دلالة واضحة على معان كلية.
أما لغة الحيوان فهى لغة انفعالية غرزية تتكون من أصوات طولية
مصحوية بحركات تدل على معان مبهمة لا تتضح إلا بالتكرار وهي غير صالحة للدخول في تراكيب تدل على معان كلية واضحة.
فالتعبير الواضح الجميل خاصة من خصائص الإنسان الراقى.
ولعل الآية الكريمة: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) تدل على هذا المعنى.