والحقيقة أن الخلاف بين الرجلين يكاد يكون لفظياً، لأنهما يلتقيان عند الركنين الأساسيين للأسلوب: المعاني والألفاظ.
وأحدهما ينظر إلى الألفاظ باعتبار تأديتها للمعاني وهو عبد القاهر.
والثاني ينظر إلى المعاني باعتبار صياغتها فى تراكيب منتقاة.
وهو ابن خلدون..
فهما - إذن - متفقان في الجملة وقديماً نحا أرسطو منحى عبد القاهر.
إذ يرى أن الأسلوب هو " طريقة الصياغة " أو الأداء اللفظي الذي يتخذه الأديب أداة للتصوير والإبانة عن مشاعره وأحاسيسه ونقل تلك المشاعر والأحاسيس إلى الآخرين.
كما نحا عبد الرحمن عثمان هذا المنحى إذ يقول: " الأسلوب هو طريقة التعبير اللفظي الجارية على نسق الفكرة والعربة عن أدق خفاياها ".
ولا أخفى أنني أميل إلى مدرسة عبد القاهر الجرجانى في حد الأسلوب ومقوماته.
وإن كنت أرى أن كلامه فيه مفتقر إلى الصقل والتركيز.
وقد قسَّموا الأسلوب اللغوي إلى قسمين هما: أولاً - الأسلوب العلمي: تتسع وظيفة الأسلوب في العصر الحديث.
وتخرج عن دائرة اختصاصها إلى ميادين أوسع وأرحب فيقال: أسلوب السياسة، وأسلوب الحكم، وأسلوب الإدارة..
هذه استعمالات نقرأها اليوم في الصحف.
ونسمعها في الإذاعة والتليفزيون ولم تعد الكلمة مقصورة على فن القول.
ولا غرابة فإن الأسلوب ملحوظ فيه معنى الطريقة.
وهذا المعنى هو الذى جوَّز التعميم في الإطلاق، ولكن العتبر من هذه الإطلاقات التي شاعت الآن نوعان: الأسلوب العلمي، والأسلوب الأدبى..
ولكل من النوعين خصائص ومميزات.