(ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ (٨١) وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (٨٢) قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (٨٥) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٦).
فقد تجمعت - هنا - آثار الجريمتين: فَقد يوسف. واحتجاز أخيه بنيامين.
وتفجرت في نفس يعقوب عليه السلام عواطف اليأس والرجاء.
وظهر ذلك على ملامحه وأعرض عن إخوة يوسف غير آبهٍ بما يقولون.
شاكاً في قولهم في مقام يفيدهم فيه التصديق. جائراً بالشكوى إلى الله يكاد الأسى يمزق قلبه وهو شيخ كبير افترسه شعور الحزن على ولِيدين محبوبين.
هذه الواقف المويئسة كان لها أثر بالغ على إخوة يوسف فضاقت عليهم
الأرض بما رحبت فكان حسناً من القرآن - وهو يُعبِّر عن تلك الحالات النفسية الدقيقة - أن يكون في التعبير نفسه ما يشير إلى تلك الحالات أبلغ وأوجز إشارة.. وكان التعبير كذلك.
أما ما ذكروه عن امرئ القيس.. فإن موسيقى الشعر. وما كان فيه الشاعر
من موقف يترقب فيه الخطر. فإن من الخير له أن يستبدل بالكلمات الهمسات وبالهمسات الإشارات خوفاً من أسماع وأعين الرقباء.
وهذه حالة شبيهة بتلك. ناسبها أن يخرج التعبير على الصورة التي جاء
عليها في الموضعين.