* هل توجيه الزمخشري مقنع؟
وكلام الزمخشري على ما فيه من قُرب إلى الصواب حيث حلل الفكرة تحليلاً
مباشراً ولم ينزلها على تخريج عام - مع هذه الاعتبارات كلها - لا يقنع الباحث لأنه يرد عليه سؤال مؤداه:
لماذا رجح لصوق الصفة بالموصوف في الآية الأولى
ورجح عدم لصوقها في الثانية؟
والذي أراه في توجيه المسألة - بعد موافقة الزمخشري على أن الواو مفيدة
للصوق الصفة بالموصوف - أن المقام في الأولى يقتضي التأكيد بخلاف الثانية.
لأن الصفة المراد إثباتها في الأولى كون القرية ذات كتاب سابق قد أنزل على
رسولها لا الكتاب المحفوظ المقدر فيه أجلها - كما يقول الزمخشري - وذلك
لأن الآية تهدف إلى أنهم أنذروا ولم يؤخذوا ظلماً.
والصفة المراد إثباتها في الثانية كون القرية ذات منذرين.
وفرق بين الكتاب والمنذرين، لأن الكتاب ليس له من قوة الظهور
ما للرسل. لذلك كان المقام فى الأولى مقام تأكيد، وفي الثانية - أعنى ظهور المنذرين - لأنهم جماعة من الناس فهم في غنى عن التأكيد الذي احتاجت إليه الأولى.
فكان الذكِر والحذف من أجلهما.
* *
* حذف حرف الجر " الباء ":
ومثل ذلك - في غير الواو - حذف حرف الجر " الباء " في قوله تعالى:
(جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (١٨٤).