الفعل فهو في طه: (فَلاَ يَضِلُ وَلاَ يَشْقَى)، وفي البقرة: (فَلاَ خَوْفٌ
عَليْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) بنفى الضلال والشقاء في الأول.
والخوف والحزن فى الثاني.
ويقول الأنصارى: إن القصة في " طه " بنيت من أولها على القوة والمبالغة
والتوكيد فناسب آخرها أولها.
ويقول ابن جماعة: إن التشديد في " طه " للتصريح بمعصية آدم وقد سبقه
الاتباع مشدداً في نفس السورة.
ويقول صاحب ملاك التأويل: " إن صيغة التخفيف في سورة البقرة حيث لم
يتقدم في حكاية إغواء إبليس لآدم ذكر وسوسة الشيطان والاحتيال عليه. وصيغة التشديد في " طه " حيث تقدمت وسوسة اللعين صريحة وسعة مكره واحتياله.
فكان المخفف بجوار ما لا تعمل فيه. والمشدد بجوار ما فيه ذلك.
هذا ما ذكره الراجحي عن الأئمة السابقين. وكل هذه التوجيهات تبدو وجيهة لا ريب وما منها إلا وهو لائق بالمقام. والنكات - كما يقولون - لا تتزاحم.
فلتكن كلها مرادة للحكيم سبحانه خاصة وأن ليس بينها تدافع.
أما رأى الراجحي نفسه في الموضوع - والذي أراه معه - فهو أن المشدد
كان مع أهل مكة. والمخفف كان مع أهل المدينة. ولا ينكر أحد ما بين البيئتين من فروق.
وكيف أن القرآن كان شديداً في تعبيره مع أهل مكة. رقيقاً فيه مع
أهل المدينة.. ذلك هو منهج القرآن مع الفريقين.
ما سبق كان خاصاً بحذف الحرف في القرآن سواء أكان خارجاً عن بنية الكلمة أو داخلاً فيها. وهي مُثُل مضروبة لا على سبيل الاستقصاء.
* * *