العابد يرفع حاجاته إلى معبوده راجياً منه العطاء.
والكافرون مخدوعون إذا رجوا من أصنامهم خيراً.
فهم لا يسمعون ولا يبصرون ولا يفقهون شيئاً.
ولا هم يملكون شيئاً فيعطوه لهم.
هذه حقيقة.. فكيف أخرجها القرآن؟
(لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ). نفىَ أن يسًتجيبوا لهمَ بشَيء.. فَأقنطهم ثم ذكر أداة الاستثناء.
ومن شأن المستثنى أن يكون مغايراً للمستثنى منه فقال: (إلا)
.. فتعلقت آمالهم بالآلهة من جديد، وانتظروا فكان المستثنَى أوقع في اليأس
من المستثنَى منه.. (كَبَاسط كفيْه إلى الماء ليَبْلغ فَاهُ وَمَا هُوَ ببَالِغه).
صورة مرسومة بالألفاظ المشعة - َ ليست ذا ألوان - ولكنها فاتَت مَاَ يُرسم
بالألوان: رجل منحن على سطح ماء مصاب بعجز يمنع يده أن تفترف منه. وهو ظامئ يكاد يقتله العطش، ولكنه في بلاهة يبسط يده إلى الماء راجياً أن يصعد إلى كفيه ليرتوي. فلا الماء صاعد ولا هو مرتو مع قرب الماء وشدة الحاجة إليه.
وفي التشبيه لون بديعى هو تأكيد الذم بما يشبه المدح.
فما أضعف ما يطلبون منه العون، وما أشد عذابهم وآلامهم.
فالضعف شامل لآلهتهم ولهم أنفسهم.
وهناك صورتان أخريان يمثل القرآن الكريم فيهما كيفية مواجة هؤلاء الكفار
لعظائم الأمور:
* هلع قاتل:
أما إحداهما فقوله تعالى: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (١٩).