وهى - هنا - " رماد محترق " لا تتعلق به آمال، وحتى مع هذا الوضع
الحقير لأعمالهم: " رماد " لم يقر له قرار. فقد اشتدت به الريح وهذا كاف
لتبديده وتطييره.
ولكن زيادة في تقنيطهم ومحو أي أثر لأعمالهم أضيفت إلى ما سبق أمور يكاد
معها عمل الكافر يكون عدماً.
وتلك الأمور هي: (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) - (ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨).
فاشتداد الريح كان في يوم عاصف، وإسناد العصف إلى ضمير اليوم، مع
أن الأصل: معصوف فيه، مبالغة في شدة العصف، وهو مجاز عقلي علاقته
الزمانية.
وأنهم في هذا اليوم، لا يقدرون على الانتفاع بكسبهم أو شيء منه، فقد
ضلوا ضلالاً بعيداً.
كما نلاحظ وصف الضلال بـ " البعيد ". ولم يقل: البين - مثلاً.
ولعل السر في هذا التعبير أن الريح لما طيرت الرماد المضروب مثلاً لأعمالهم. واشتد عصفها به في يوم اشتد عصفه. المعنى إذن: أن الريح طيرت الرماد إلى مسافات نائية جداً لو تعقبوها في تلك المسافات لوقعوا في حيرة وضلال بعيد.
والمسافات - كما نعلم - يناسبها البُعد الذي جُعِلَ الوصف منه وصفاً لضلالهم فى هذا المكان
* وصورة أخرى - ريح وصِرٌّ:
(مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧).


الصفحة التالية
Icon