* صوة أولى - ترهقهم ذلِة:
(وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٧).
هنا وجوه أرهقها الذل فأظلمت كأنها مغشاة بقطع من ليل اشتد ظلامه وليس
لهم من عذاب الله من عاصم.
* صوة ثانية - تَرَدٍّ مهلك:
(وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (٣١).
الشرك بالله فاقد كل سند يعتمد عليه في حياته الأولى والثانية، وهو صائر
بلا محالة إلى أسوأ ألوان الهلاك.
والآية ترسم لنا خطوط هذه النهاية المؤلة.. إنسان هوى من السماء - من
السماء هكذا - هوى ساقطاً على الأرض، وهنا يفترق الطريق شُعبتين كل
واحدة منهما تؤدى إلى خطر ماحق..
(فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) لقد تمزق هو - إذن - قبل أن يصل إلى الأرض، لأن
المسافة بين الأرض والسماء بعيدة بعيدة، لذلك فإن الطير تتوزعه في حواصلها فيصير غذاء لها وقد هلك وتمزق شر ممزق.. هذه شُعبة.
(أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) تهوى به تسير سيراً سريعاً.
إلى أين؟ إلى مكان سحيق سحيق.. وهنا تكمن بواعث الخوف والرهبة فالمكان - هنا - منكر، لأنه مكان غير معروف - وهذا هو سر الرهبة والخوف.