كأنما يصعد في السماء وهو ضارب بقدميه على الأرض، لأن صعوده في السماء مثل فيما يمتنع ويبعد من الاستطاعة وتضيق عنه المقدرة.
قال الراغب: " والصعد والصعيد والصعود واحد. لكن الصعود والصعد
يقال للعقبة. ويُستعار لكل شيء شاق - قال -: (وَمَن يُعْرضْ عَن ذكرِ رَبًه
يَسْلكْهُ عَذَاباً صَعَداً)، وقال: (سَأرْهقُهُ صَعُوداً)
أي: عقبة شاقة ولا يبعد أن يكون هذا التجاذب
إلى أَعلى مرة ثم إلى أسفل أخرى دليلاً على قلق الكافر وتنازع أفكاره بين مهاوى الضلال والفتنة. ونسمات الهدى والإيمان.
* وصورة رابعة - صيحات وصواعق:
(إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١).
هذه عاقبة قوم ضلُوا أخذتهم الصيحة فهلكوا.
فصوَّر لنا القرآن صيرورتهم بعد هلاكهم بأنهم كانوا مثل " هشيم المحتظر ". هكذا..
ومادة " هشم " تدور حول تكسر المادة وصيرورتها أجزاء - وهذا كافٍ
في هلاكهم - ولكنه يصف الهشيم بأنه " هشيم المحتظر "، وهذا يفيدنا
معنيين:
أن الكوارث حلت بهم جميعاً فتساقطوا بعضهم فوق بعض.
هكذا يكون الهشيم في الحظيرة.
وأنهم أصبحوا وقوداً للنار تسرع فيه إذا أشعلت لأن " هشيم المحتظر " أكثر
جفافاً من الهشيم الأخضر.


الصفحة التالية
Icon