فالرجل صاحب الجنة المذكورة التي فيها النخيل والأعناب. والأنهار تجرى
من تحتها وله فيها من كل ثمر نصيب، ذلك الرجل قد حلت به الشيخوخة
فأضعفته فهو غير قادر على الكسب مما سواها. وله أولاد ضعاف في حاجة
إلى ثمارها. أصابها إعصار مدمر فيه نار فاحترقت في غمضة عين.
فلو كان هو شاباً لهان الخَطب. ولو كان أولاده أقوياء لهان الخَطب. ولكن
كيف وهو وأولاده بتلك الصفة.
ومما يزيد من الحسرة: أن الواقعة كانت مفاجئة فلم تكن هناك فرصة
للاحتياط، والاحتراق أعقب الإصابة فلم تكن هناك فرصة للإنقاذ.
(فَأصَابَهَا إعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ) وهل تنكير الإعصار والنار إلا
لإرادة التهويل من شأنها.
ومثل هذه الآية التحذير من أكل الربا في قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ).
فصورة الإنسان الذي يتخبطه الشيطان من المس صورة بغيضة إلى النفس.
فمَنْ أراد أن يكون كذلك لا يتورع أن يأكل الربا!
وهل يرضى عاقل هذا المصير لنفسه؟
ومنه التحذير من أذى الأبرياء كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩).
* *