لهما صورة في الذاكرة فصارتا عندهم وقتاً مبهماً. ووجه الشبه بين الطرفين:
قصر المدة.
وقد جاء قصر هذه المدة عن طريق المجاز الاستعاري في قوله تعالى:
(أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢).
حيث شبَّه مدة لبثهم فى القبور بالزيارة.
ويروى أن أعرابياً سمع هذه الآية فقال: لقد بُعِثَ الناس.
والتشبيه في آية الأحقاف ذو غرضين:
أحدهما: تثبيت النبي - ﷺ - حتى لا يستعجل لهم العذاب، لأنهم حين يرونه لم يشعروا إلا بقصر عيشهم الذي كانوا فيه.
وثانيهما: تهديد المنكرين بقرب ما يوعَدون.
وفي آية " النازعات " شُبهت المدة الملبوثة قبل القيامة بعشية يوم أو ضحاه،
وهذا تفسير للساعة في آية " الأحقاف "، وهي هنا جزء من اليوم لم تتعده،
وقد أضيف الضحى إلى ضمير " العشية " ولم يقل: أو ضحىً: ليكون
الجزءان من يوم واحد، ولو قطع " الضحى " عن هذه الإضافة لجاز وقوع
" العشية " في يوم والضحى في يوم آخر، وهذا يؤذن بتعدد أيام الدنيا فى
موقف يُراد فيه بيان القصر الواقع فيها فهو لا يخدم المعنى ولذلك عُدِلَ عنه.
وإضافة " الضحى " إلى ضمير " العشية " لمحة بيانية لتحقيق التشبيه.
وقد جاء عن غير طريق التشبيه: (قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (١١٣) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤).
* *


الصفحة التالية
Icon