وجاء في " الرحمن ": (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧).
" وردة ": أي حمراء. و " الدهان ": الزيت.
هذه معان جد رائعة عرفناها في القرآن الكريم عن طريق التشبيه في أسلوب
جزل واضح، والآن ننتقل إلى مجموعة أخرى وهي:
١ - في مجال القدرة الإلهية:
وفي هذا المجال وردت النصوص الآتية: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (٤٢).
شبه الموج بالجبال في الضخامة والامتداد الشامخ.
ومع هذا فإن السفينة - سفينة نوح - ظلت تمخر الماء في سلام.
وتشبيه " الموج " بالجبال ضرورة بيانية لأن المقام يقتضي إبراز نعمة الله وكيف نجى المؤمنين وسط الطوفان وتلاطم الأمواج.
ومن ذلك تشبيه السفن نفسها بالجبال في قوله تعالى: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٢٤).
والوجه - هنا ليس مجرد الضخامة - بل هو ملاحظة الاستقرار مع كونها
تجرى في البحر. لا تضطرب ولا تميد ميداً يؤدى بها إلى الهلاك.
وآثر هنا " الأعلام " مكان " الجبال " لأن العَلم هو الجبل الطويل لا مطلق جبل.
ولا شك أن السفن أضخم وأكثر شموخاً من الموج.
وهذا ملحظ دقيق لاستعمال أحد المترادفين فيما هو به أولى.
لم يُعرف ذلك على دقته وروعته في غير القرآن.


الصفحة التالية
Icon