ولعل وجه الشبه هنا الاضطراب والتحير والقلق النفسي الذي ينتاب هذه
الزوج.
ومن التشبيات الضمنية قوله تعالى: (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩).
جاء التشبيه الضمنى في هذه الآية في استئنات تعليلى مبيِّن لسبب الأمر
بخفض الصوت. فرفع الصوت ليس فضيلة إذا كان لغير الحاجة..
والدليل أن صوت الحمير مع أنه أرفع الأصوات هو أنكرها..
فكأنه شبَّه رافع الصوت بالحمار، وشبَّه صوته بصوت الحمار.
ومنه كذلك قوله: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ). ناهياً عن التكبر،
والصعر: ميل في العنق. والتصعير: إمالتَه عن النظر كبراً.
وأصل الصعر داء يصيب الإبل فتميل عنقها من أجله.
وهذه صورة قبيحة وكأن القرآن يُشبه التكبر بالناقة المنوفة بالصعر قال الشاعر الجاهلى:
إذا الملِكُ الجَبَّارُ صَعَّرَخَدَّهُ... مَشَيْنا إليْهِ بِالسُيُوفِ نُعَاتِبُه
* *
٣ - التشبيه السلبى في القرآن الكريم:
أداة التشبيه في كل أسلوب تشبيهى تعقد صلة بين طرفيه، وتنبئك بأن
المشبه تربطه بالمشبه به رابطة هي الصفة المشتركة بينهما. لأن التشبيه فى
أبسط تعاريفه هو إلحاق أمر بأمر في صفة مشتركة بينهما بأداة تشبيه مذكورة
أو مقدرة!
ولكنك تجد في القرآن الكريم - أحياناً - هذه الأداة لا تعقد تلك الصلة بين
طرفى التشبيه، فهى تتوسطهما، وليس بين ذينك الطرفين شبه ما، فقد
يكونان ضدين أو كالضدين أو غيرهما.


الصفحة التالية
Icon