ثالثاً: أن في كل أسلوب تشبيهى من هذا النوع استفهاماً إنكارياً هو سر
السلب فيه... وقد تخلو بعض هذه المواضع من ذلك الاستفهام الإنكارى لفظاً ويستفاد السلب حينئذ من أمر خارج عن الأسلوب ويكون الأمر المفيد للسلب:
إما الشرع وحده كنفي التشبيه بين البيع والربا، أو الشرع والعقل كنفى التشبيه بين من يَخلق ومن لا يَخلق، أو العادة والواقع كنفي التشبيه بين الذكر والأنثى.
رابعاً: إن أداة التشبيه في بعضها قد حُذفِت مع حذف المشبَّه به ولم يبق من
أطراف التشبيه الأربعة إلا المشبه. لأن الوجه - محذوف. كذلك.
وهذا ورد في أربعة مواضع:
موضع في " الرعد " في قوله تعالى:
(أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ).
وموضعان في " الزمر " أحدهما: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ..).
وثانيهما: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
والرابع في " فاطر " في قوله تعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ).
ومع هذا الحذف لثلاثة من أركان التشبيه. لم يسم الباقى بعد الحذف
استعارة.. والبيانيون يطلقون على ما كان شأنه كذلك: استعارة بالكناية.
لكنهم لم يقولوا هذا فيها، أي في هذه الأساليب، بل أبقوا التعبير على
أصله من التشبيه.


الصفحة التالية
Icon