وهذا النوع - أعنى وضوح التشبيه معها - هو الغالب في استعمالها فى
القرآن الكريم.
والنوع الثاني: ألا يكون أمر التشبيه فيها ظاهراً. مثل قوله تعالى:
(قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠).
لذلك يرى بعض الباحثين: أن يحمل معناها على التوكيد وإن صح معها
تقدير التشبيه. وهذا الرأي لا يخلو من الوجاهة.
هذا.. وقد تتصدر أداة التشبيه في القرآن كلاماً جديداً يكون مشبَّهاً به.
أما المشبه فغير مذكور صراحة، بل هو أمر منتزع من كلام سابق وذلك كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١١).
قال الزمخشري: " دأب هؤلاء كدأب الذين من قبلهم من آل فرعون
وغيرهم).
ولهذه الآية نظائر هي: آية: ٥٤ من نفس السورة وآيتا: ٥٠ - ٥١ من
الأنفال، وآية: ٣١ من غافر.
فالمشبه - هنا - محذوف، والذي سوَّغ حذفه دلالة المقام عليه.
وفي كل موضع من هذه المواضع التي حُذفَ فيها المشبه حرص القرآن الكريم على ذكر أداة التشبيه للإشعار به لأنها لو حُذفت مع حذف المشبه لكان الحمل على التشبيه بعيد التصور نوعا.


الصفحة التالية
Icon