* مماثلة عجيبة.
ومن روائع الصدف: أن حذف الفاعل جاء في القرآن الكريم - في غير
ما ذكر - في ثلاثة مواضع منها موضعان شبيهان بالموضعين اللذين حذف فيهما عند العرب في المثالين المذكورين.
فالأول قوله تعالى: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤).
ففاعل " بلغت " هو النفس ولمَ يجر لها ذكر قبل حتى يُقَال إنها مضمرة.
وهذا شبيه ببيت حاتم إذ الفاعل هناك النفس والفاعل هنا النفس
* وكلاهما حديث عن ساعة الاحتضار.
وهي القرينة الحالية التي دلت على الحذف وعينت المحذوف.
ومثله قوله تعالى: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧).
إذ لا يبلغ التراقى عند الموت إلا النفس
والموضع الثالث هو قوله تعالى: (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (٣٢).
ففاعل: " توارت " هو الشمس في أرجع الأقوال
والشمس أكبر مظهر من مظاهر الطبيعة تسير في مسار ونظام دقيق لا يتخلف، وهى أشرف وأعظم الأفلاك..
فحذفت في الآية لقوة ظهورها كما حذفت السماء
فى قول العرب السابق: " أرسلت " لأنها مثل الشمس ظهوراً وعظمة، وقوة
القرينة مع الاختصار مرجع للحذف على الذِكر لأن حذف ما يُعلم جائز، كما يقول ابن مالك.
فهل بعد قوة القرينة من سبب بلاغي آخر للحذف أو لترجيحه على الذِكر فى هذه المواضع؟