أو: أفمن زُينَ له سوء عمده كمن هداه الله. فحذف لدلالة: فإن الله يضل
من يشاء ويهدى مَنْ يشاء عليه ".
وأقوم هذه الآراء - فيما أظن - الرأي الثالث مع احتمال الأسلوب لها
جميعاً.
ولعل هذا هو سر الحذف في هذه المواضع: أن تختلف وجهات النظر فيكثر
معها المعنى ويتعدد.
أما الموضعان اللذان في " الزمر " فقد قدر الخبر فيهما على النحو الآتى:
" أفمن هو قانت كغيره، ثم: أفمن شرح الله صدره للإسلام كمن لم يشرح
صدره "؟. وإذا قارنا بين المواضع الثلاثة نجد أنها:
أولاً: تنكر المساواة بين فريقين مختلفين في العقيدة والسلوك.
وفي المنزلة عند الله.
ثانياً: أنها - جميعاً - صدرت بحرف الاستفهام الإنكارى.
ثالثاً: أن المحذوف فيها ظاهر تعيينه لدلالة الكلام عليه، وإن اختلف فيه
أحياناً. والحذف مما يُمكِّن المحذوف من النفس بعد البحث عنه والتوصل إليه.
وهكذا فقد اجتمع للحذف في هذه المواضع: المسوغ والمقتضي.
وكذلك جاء حذف الخبر في قوله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ).
أَى: حِل لكم. وقد أغنى عن ذكره التصريح به مرتين في صدر الآية.
فكان فى حذفه حُسن الدلالة مع الإيجاز وعدم التكرار.
* *


الصفحة التالية
Icon