الفصل الأول
المحسِّنات المعنوية
الظاهر أن نظرة الكُتَّاب لم تتفق على آراء محددة في فنون البديع، ولذلك
يجد الباحث خلطاً في كتاباتهم، وهذا الخلط له عدة مظاهر:
أولاً: لم يحددوا تحديداً دقيقاً الفرق بين المعنوي واللفظي منه، فالخطيب
يذكر " الاطراد " ضمن المحسِّنات المعنوية، وهو من اللفظية على الأصح.
كما ذكر ذكر المشاكلة ضمن المعنوية والظاهر أنها من اللفظي.
ثانياً: درجهم فنوناً تحت اسم " البديع " وهي ليست منه. مثل الالتفات
والكناية والإيغال والتذييل والاعتراض.. إلخ.
ثالثاً: اختلافهم في الفنون البديعية نفسها.. فقوله تعالى:
(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤).
يعده بعضهم إيهاماً، وبعضهم تورية وآخرون يذكرونه تحت اسم
" تجاهل العارف ".
والمطابقة درج الأكثر على أنها: الجمع بين الأضداد أو ما في حكمها مثل: الليل والنهار. والصدق والكذب.
وقدامة بن جعفر يخرق هذا الإجماع ويرى أن المطابقة هي، اشتراك المعنيين
فى لفظة واحدة بعينها، ومثل لها بقول الأفوه الأودي:
وَأقْطعُ الهَوْجَلَ مُسْتَأنِساً... بِهَوْجَل عَيْرانَةٍ عَنْتَرِيسْ
فلفظ " الهوجل " في البيت اشترك في معنيين: المفازة البعيدة، والناقة
التي بها هوج من سرعتها.