وقد زاد ابن الأثير والخطيب القزويني موضعاً فيه دقة، وهو قوله تعالى:
(أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).
قال ابن الأثير: " فإن الرحمة ليست ضد الشدة، وإنما ضد الشدة
اللين، إلا أنه لما كانت الرحمة من المسببات عن اللين حسنت المقابلة بينها
وبين الشدة ".
أما الخطيب.. فقد جعل هذا الموضع من الملحق بالطباق.
وعلله بما علل به ابن الأثير، ثم قاس عليه موضعاً آخر هو قوله تعالى:
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ).
فإن ابتغاء الفضل يستلزم الحركة المضادة للسكون، والعدول عن لفظ الحركة إلى لفظ " ابتغاء الفضل "، لأن الحركة ضربان: حركة لمصلحة وحركة لمفسدة، والمراد الأولى لا الثانية، واستبدال هذا اللفظ بذاك نوع بديعى يسمى الإرداف.
* *
* الطباق والتشبيه المسلوب:
ذلك ما ذكره العلماء من تقعيد وتصنيف لهذا الفن البديعى " الطباق "،
والواقع أنه كثير الورود في القرآن الكريم.
وربما كان أكثر ألوان البديع وروداً فيه، وكل ما ذكرناه من أمثلة التشبيه السلبى في القرآن داخلة في أسلوب الطباق، وهو غير مقصور عليه بل تعداه إلى كثير من صور التعبير وذلك أن القرآن كثيراً ما يتحدث عن الإيمان والكفر في سياق واحد أو ما يشبه السياق الواحد، والطاعات والمعاصي، والظلمات والنور، والنفع والضر، والرفد