وأياً كان.. فإن التورية في القرآن الكريم لها وظيفة هامة. وهي قريبة من
المجاز، بل كثيراً ما يُراد المعنى المجازي فيها كإرادة القُدرة من اليد، وهذا
ظاهرٌ فيها.
وقد سبق عن السكاكي أن متشابهات القرآن من قبيل التورية.
فهى فيه إذن ذات دور هام لم تُجتلب لتأدية معنى إضافى، أو تحسين عرضى، فعدها من البديع فيه تسامح، وأجدر بها أن تلحق بأقسام البيان إنصافاً ووصفاً لكل فن فى موضعه، وإلى هذا ذهب العصام في " الأطول "
حيث قال في تعريفها:
" فالمختصر الواضح أن يقال: هوأن يطلق اللفظ على غير ما وضع له بقرينة
خفية مما يتعلق بإيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوع الدلالة ".
ثم قال: " فهو داخل في أصل البلاغة فكيف عُدَّ من البديع "؟.
٣ - المشاكلة:
عرفها الخطيب. وغيره، فقال: " ذكر الشىء بلفظ غيره لوقوعه فى
صحبته، تحقيقاً أو تقديراً ".
ومثَّل لها من القرآن بقوله: (تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ).. فأطلق النفس على ذات الله.
وقوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيئَةٍ سَيئَة مِثْلهَا). فسمى الجزاء سيئة.
أما وقوعه تقديراً فقد مثل له بقوله تعالى: (صبْغَة اللهِ وَمَنْ أحْسَنُ
مِنَ اللهِ صِبْغَةً).. أي تطهير الله.
وفي الواقع فإن أسلوب المشاكلة كثير في القرآن الكريم مثل قوله تعالى:
(فَمَن اعْتَدَى عَليْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَليْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَليْكُمْ).