على الطمع. فقال: " ومن لطيف ما وقع في هذه الآية: تقديم الخوف على
الطمع، إذ كانت الصواعق يجوز وقوعها من أول برقة.
ولا يحصل المطر إلا بعد تواتره لا يكاد يختلف.
لهذا كانت العرب تعد سبعين برقة، وتنتجع فلا تخطئ الغيث ".
والذي أراه: أن تقديم الخوف على الطمع من تقديم الأهم على المهم.
لأن متعلق الخوف الحرص على أصل الحياة، ومتعلق الطمع الحرص على الزيادة من متع الحياة.
ومن صحة الأقسام قوله تعالى: (الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللهَ قيَاماً وَقُعُوداً
وَعَلى جُنُوبهمْ).. فلم يترك سبحانه قَسماً من أقسام الهيَئات حتى أتى
به، وقد جَاءَ ترتيب الهيئات على حسب الأفضلية، فقدم الذكر قياماً عليه
قعوداً، وقدم الذِكر قعوداً عليه رقوداً، وفي هذا من حسن النسق وجودة
الترتيب ما فيه. ويجوز حمل التقديم فيها على مراعاة الأكثر فالأكثر، لأن
ذكر الله قياماً أكثر من ذكره قعوداً، وذكره قعوداً أكثر من ذكره رقوداً.
ومن صحة الأقسام قولَه تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا).
ًفهيئَات الدعاء هنا ثلاث كهيئات الذكر هناك، ولم يفت ابن أبى الإصبع أن
يلحظ اختلاف النظم في الترتيب في الآيتين، فتراه يقول:
" لكن وقع بين ترتيب الآيتين مغايرة أوجبتها البلاغة.
فتضمن الكلام بها الائتلاف.
وذلك أن الذكر يجب فيه تقديم القيام لأن المراد به الصلاة - والله أعلم - والقعود لمن يسَتطيع القيام. والاضطجاع للعاجز عن القعود.
والضر يجب فيه تقديم الاضطجاع لغلبة الضعف ومبادئ الإعلال وتزيدها
وإذا أزال بعض العلة.. قعد المضطجع. وإذا زالت العلة كلها وتراجعت القوة قام القاعد. والمراد بالدعاء هنا الصلاة أيضاً ".