ومن أمثلته في القرآن الكريم: (قُلْ إنْ كَانَ للرخْمن وَلدٌ فَأنَا أو@لُ
العَا بِدينَ).
قالَ الزمخشري: (قُلْ إنْ كَانَ للرحْمن وَلدٌ) وصَح ذلك وثبت ببرهان
صحيح توردونه وحُجة واضحة تدلونَ بها فأنا أول من يُعَظم ذلك الولد،
وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له..
وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض، وهو المبالغة في نفى الولد والإطناب فيه، وأن لا يترك الناطق به
شُبهة إلا مضمحلة مع الترجمة عن نفسه بثبات المقدَّم في باب التوحيد. وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد، وهي محال في نفسها، فكان المعلق بها محالاً مثلها، فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة، وفي معنى نفيهما على أبلغ الوجوه وأقواها.
وليس في هذا الكلام اعتراض لنا - بل هو في غاية الجودة - بَيْدَ أنى
أضيف ملاحظتين:
أولاهما: أن نفى الولد مستفاد من نفى عبادته، فالرسول إنما كان يعبد الله
وحده.
ثانيهما: أن في هذا التعبير رمياً لهم بالجهل، فإن الرسول عليه السلام
يقول لهم: يا معشر الجاهلين: أنا أعلم منكم بالله وما يجب له، ولو فُرِضَ أن له ولداً وصح ذلك عندى لكنت أولاكم بالطاعة والامتثال له.
ومن شواهد هذا الفن في القرآن الكريم قوله تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
وقوله تعالى: (لوْ كانَ فِيهِمًا آلهَةٌ إلا اللهُ لفَسَدَتَا).
وقوله تعالى: (وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ).