ومعروف أن المساواة من مباحث علم المعاني - وهذا هو شأن البديع - إنما هو فى معظم أبوابه مسائل منتزعة من علمي المعاني والبيان،
وللعلماء مذهبان فى أسلوب القرآن.
فالجمهور يرى أن القرآن فيه الإطناب والمساواة والإيجاز..
وعرفوا الأول بأن الألفاظ فيه تزيد على المعنى زيادة تؤدى فائدة.
والمساواة قد سبق تعريفها.
أما الإيجاز.. فأن تكون الألفاظ أقل من المعنى المفهوم منها، وقسَّموا
الإيجاز إلى إيجاز حذف، وإيجاز قصر.
وقد مثلوا للمساواة بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠).
قال ابن أبى الإصبع في بيان المقصود من هذه الآية:
" إن الله سبحانه أراد أن يأمر بجميع المحاسن الممدوحات المنجيات، وينهى عن جميع القبائح الموبقات المذمومات. فأخرج المعنى في لفظ هو طبقه.
وقالب هو قدره وصوره مساوية لمعناه لا تزيد ولا تنقص عن فحواه،. ومصداق ذلك أن أي لفظة لو حذفتها من ألفاظ الآية اختل شيء من المعنى بحذفها اختلالاً ظاهراً...
وكذا إذا زيد في ألفاظها لفظة حصل من الاختلال بالزيادة ما حصل منها عند
النقص.
ولا معنى للمساواة غير هذا.
* *
* نقد وتحليل:
ولكن الحق أن الآية ليست من قبيل المساواة، بل هي شاهد ناطق على
الإيجاز وهذا نلمحه من ناحيتين: