أما حذف الحال فقد جاء فيه في مواضع كثيرة. وفي كل موضع حُذِفَ فيه
الحال قد قام الدليل القوى على حذفه وتقديره. كأن يكون عاملاً قد بقى معموله.
خذ إليك مثلاً قوله تعالى: (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤).
والتقدير: قائلين لهم: سلام.
فالمحذوف حال من الفاعل الذي هو الواو في " يدخلون " وهي - أي الحال - هنا اسم فاعل له معمول هو: " سلام عليكم ".
وهو مقول القول المحذوف الواقع حالاً، فبقاء المعمول يتطلب تقدير العامل ضرورة.
ولذلك صح الحذف لقوة القرينة وللإسراع إلى تعجيل المسرَّة التي يوحى بها المعمول: " سلام ".
وذلك فضل الله يتلقى به أهل رضوانه.
ومثله قوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧).
أي قائلين: ربَّنا.
فهل ترى في حذف أي منهما " الحال " و " التمييز " - وهما فضلتان -
أى إجحاف بالمعنى أو قصور في البيان.
* *
* حذف المفعول به:
لعلماء البلاغة بحوث رائعة في حذف المفعول. قلَّبوا فيه وجوه القول. وأولوه عناية خاصة لم يولوها لغيره من المحذوفات.
وقعَّدوا له القواعد. وذكروا الأسباب.


الصفحة التالية
Icon