* عزة المطلب هي السبب:
فلماذا لا يكون الحذف لأن نفس موسى عليه السلام لا تساعد عليه - لعزة
الطلب - لذلك طوى في نفسه ذكره ولم يصرِّح به.
والواقع يشهد بذلك. فإن الناس إذا سأل بعضهم بعضاً. وكان موضوع
السؤال عظيماً فإن السائل يتلجلج أمام المسئول ولا يكاد يُفصح عن المطلوب.
فسبب الحذف في الآيتين نفسي مع الاختلاف في البواعث.
ففي حذف المفعول في قوله تعالى حكاية عن المشركين:
(.. أهَذَا الذي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)
كان السبب نفسياً باعثه كراهة إيقاع الفعل على ضمير
المسنَد إليه ليطابق اللفظ الشعور.
أما في قوله حكاية عن موسى عليه السلام: (أرِنِي أنظرُ إليْكَ)
فإن السبب نفسي كذلك هو الرهبة والإجلال والطمع في مطمع.
وذلك - فيما أرى - أولى من اعتبار عِلَّة الحذف فيهما مجرد الاختصار.
أما الآية الثالثة فقد كفانا الخطيب القزويني مؤنة البحث فيها فقال: " يجوز
حمل الحذف فيها لأن الغرض إثبات الفعل في نفسه فيكون التقدير: وأنتم من
أهل العلم والمعرفة ".
* *
* مجرد الاختصار وحده لا يكفي:
فمجرد الاختصار - إذن - عِلَّة سلبية لا تفسر الأساليب تفسيراً بلاغياً،
والظاهر أن علماء البلاغة كانوا يحملون عليها كل حذف لم يتبين لهم فيه وجه
ظاهر من الاعتبارات المناسبة.


الصفحة التالية
Icon