عَبْدُ الرَّزَّاقِ
٤٩٥ - قَالَ: أنا الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: مَا مِنْ نَفْسٍ بَرَّةٍ وَلَا فَاجِرَةٍ إِلَّا وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهَا، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٨] وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٨] الْآيَةَ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
٤٩٦ - أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾ [آل عمران: ١٨٦] قَالَ: هُوَ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَكَانَ يُحَرِّضُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وفِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَرَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: أَبُو عَبْسٍ، فَأَتَوْهُ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ بِالْعَوَالِي، فَلَمَّا رَآهُمْ ذُعِرَ مِنْهُمْ، وَأَنْكَرَ شَأْنَهُمْ، وَقَالُوا: جِئْنَاكَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: «فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُحَدِّثْنِي بِحَاجَتِهِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ» قَالَ: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرُعًا عِنْدَنَا لِنَسْتَنْفِقَ بِهَا، -[٤٢٩]- قَالَ: «لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ جَهِدْتُمْ مُنْذُ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ، فَوَاعَدُوهُ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ يَهْدَأُ عَنْهُمُ النَّاسُ، فَأَتَوْهُ فَنَادَوْهُ» فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا طَرَقَكَ هَؤُلَاءِ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ، قَالَ: «إِنَّهُمْ قَدْ حَدَّثُونِي بِحَدِيثِهِمْ وَشَأْنِهِمْ» قَالَ مَعْمَرٌ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ: «إِنَّهُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَكَلَّمَهُمْ» فَقَالَ: مَا تَرْهَنُونِي؟ أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ وَأَرَادُوا أَنْ يَبِيعَهُمُ تَمْرًا، فَقَالُوا: «إِنَّا نَسْتَحِي أَنْ تُعَيَّرَ أَبْنَاؤُنَا» فَيُقَالَ: هَذَا رَهِينَةُ وَسْقٍ، وَهَذَا رَهِينَةُ وَسْقَيْنِ " فَقَالَ: أَتَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ؟ فَقَالُوا: أَنْتَ أَجْمَلُ النَّاسِ، وَلَا نَأْمَنُكَ، وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ؟ وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلَاحَنَا، فَقَدْ عَلِمْتَ حَاجَتَنَا إِلَى السِّلَاحِ الْيَوْمَ، فَقَالَ: «نَعَمْ، إِيتُونِي بِسِلَاحِكُمْ، وَاحْتَمِلُوا مَا شِئْتُمْ» قَالُوا: فَانْزِلْ إِلَيْنَا، نَأْخُذْ عَلَيْكَ، وَتَأْخُذْ عَلَيْنَا، فَذَهَبَ يَنْزِلُ، فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ، -[٤٣٠]- فَقَالَتْ: أَرْسَلْ إِلَى أَمْثَالِهِمْ مِنْ قَوْمِكَ، فَيَكُونُوا مَعَكَ؟ فَقَالَ: «لَوْ وَجَدُونِي هَؤُلَاءِ نَائِمًا أَيْقَظُونِي» قَالَتْ: فَكَلِّمْهُمْ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ، فَأَبَى عَلَيْهَا، قَالَ: «فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ يَفُوحُ رِيحُهُ» قَالُوا: مَا هَذِهِ الرِّيحُ يَا أَبَا فُلَانٍ؟ قَالَ: «هَذَا عِطْرُ أُمِّ فُلَانٍ، لِامْرَأَتِهِ، فَدَنَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ لِيَشَمَّ رَأْسَهُ، ثُمَّ اعْتَنَقَهُ» ثُمَّ قَالَ: اقْتُلُوا عَدُوَّ اللَّهِ، فَطَعَنَهُ أَبُو عَبْسٍ فِي خَاصِرَتِهِ، وَعَلَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلُوهُ ثُمَّ رَجَعُوا، فَأَصْبَحَتِ الْيَهُودُ مَذْعُورِينَ، فَجَاءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: قُتِلَ سَيِّدُنَا غِيلَةً، فَذَكَّرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنِيعَهُ، وَمَا كَانَ يُحَرِّضُ عَلَيْهِمْ، وَيُحَرِّضُ فِي قِتَالِهِمْ، وَيُؤْذِيهِمْ بِهِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ صُلْحًا، قَالَ: «وَكَانَ ذَلِكَ الْكِتَابُ مَعَ عُمَرَ بَعْدُ»